الأربعاء، مارس ١٧، ٢٠١٠

ما معنى الأرباب في رب الأرباب

ما معنى الأرباب في رب الأرباب




سألتني إحدى الأخوات عبر المجلة عن دعاء منسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام يقول فيه : " هذه عوذة لشيعتنا للسل، تقولها ثلاثاً: يا الله يا رب الأرباب ويا سيد السادات ويا إله الآلهة ويا ملك الملوك ويا جبار السماوات والأرض اشفني وعافني من دائي هذا فإني عبدك وابن عبدك أتقلب في قبضتك وناصيتي."
و تسأل الأخت عن معنى رب الأرباب و إله الآلهة فمن المقصود بالأرباب و بالآلهة و بالسادة و الملوك ؟
أجبتها :
قبل كل شيء أود أن أذكر بأن هذا الحديث ليس له سند صحيح فالحديث لم ينقله أحد من الأقدمين إلا صاحب كتاب طب الأئمة ( و يحوي أحاديث ضعيفة جدا ) و ينقل عنه المجلسي هذا الحديث . و في سند الحديث محمد بن كثير الدمشقي و هو مجهول لدى علماء الرجال و أما الثاني الذي ينقل عنه وهو الحسن بن علي بن يقطين فإنه ثقة . و السند غير كامل . فالحديث في حد ذاته ضعيف .
و أما كلمة رب الأرباب فيطلق كثيرا في كتب السنة و الشيعة و وردت في بعض الأدعية و الأحاديث و الرب له معان كثيرة فإن الدار لها رب و الأنعام لها رب ( يعني صاحب ) فعندما يقول رب البيت يعني صاحب البيت و رب الأرباب معناه - في الحقيقة - رب المخلوقات و رب الكائنات من أصحاب الشأن و ملاك العبيد و أمثالهم و لا شك أن ربوبية هؤلاء صورية مأخوذة من الرب بمعناه اللغوي فقط و كلهم عبيد لله خاضعين له شاؤوا أم أبوا . اذن لفظة الأرباب لا تنحصر معناها بالألوهية. قال تعالى في كتابه : " و قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك .." فنلاحظ أن الله يطلق كلمة " الرب " على عزيز مصر. و أما إله الإلهة - بفرض صحة مثل هذا الدعاء - فليس معناه آلهة غير الله بل تطلق كلمة الآلهة على الأصنام تجوزا و ليس حقيقة أي كما يزعم المشركون . قال تعالى : " و اتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون " فلفظ الآلهة تطلق على الأصنام أيضا و لكن اطلاقه مجازي و ليس حقيقيا . و إلا فلا يوجد رب و لا إله إلا الله وهو الذي في السماء إله و في الأرض إله . و ما من إله إلا هو تبارك و تعالى .
و العجيب أنه قد جاء ذكر إله الآلهة في بعض كتب أهل السنة أيضا .. منها على سبيل المثال ما جاء في حلية الأولياء لأبي نعيم (7/251 ) حديث مفصل عن أبي سعيد عن الرسول (ص) يحكي قول عيس بن مريم عليه السلام فيقول :" ... و الله إله الآلهة و الرحمن رحمان الدنيا و الآخرة ... " و يذكر الرازي أيضا في تفسيره ( 6/346 ) "... و كان صلوات الله عليه يقول : يا إله الآلهة . و المراد أنه تعالى إله الآلهة في زعمهم . و بناء عليه يمكن استعمال كلمة إله الآلهة مجازيا أيضا أي إله كل من يعتقد بآلهة غير الله . و هكذا في كلمتي سيد السادات و ملك الملوك و هذا واضح جدا فهناك الكثيرون ممن يطلق عليهم السيد لإعتبارات قيادية أو شرافة في الحسب أو أي اعتبارات أخرى فالله تعالى هو سيدهم و هو السيد على الإطلاق و الملوك أيضا ملكهم و حكمهم إعتباري فالله هو الملك و هو المالك و هو ملك الملوك سبحانه و تعالى . و الله العالم

لماذا نزور الإمام ؟




قبل بضعة أيام وصلني ايميل من أحد الأصدقاء و فيه لقطات فيديو من مرقد الإمام الرضا عليه السلام .. و كأن المصور إهتم بتصوير أحب اللقطات لدى عامة الناس و هي طلب الحوائج من الإمام . لا نريد البحث عن أن طلب الحاجة يجب أن يكون من الله و هؤلاء الأولياء و الأئمة سلام الله عليهم وسطاء و وسائل لنا عند الله ، و لكن البحث في نوع الطلب .
لقد استمعت و طالعت كل اللقطات و البالغة حوالي نصف ساعة و كلها تحكي عن طلب مختلف الطوائف من الإمام أن يقضي لهم حوائجهم المادية و الدنيوية .. و لم أر لقطة واحدة - على الأقل - لإنسان يطلب من الإمام عليه السلام أن يستشفع له إلى الله ليغفر ذنوبه و ذنوب والديه و أهله .. و كأن الزيارة مختصة فقط بطلب الحوائج ..
و ليتها كانت حوائج أخروية فإنها مادية بحتة !! بالرغم من أن صاحبنا قد كتب في إيميله بأنك إذا رأيت و استمعت الى هذه اللقطات فإن دموعك تسيل قطعا و لكن دون جدوى فإنني و بالرغم من كثرة حوائجي و رقة قلبي فلم أدمع و لن أدمع لأنني أمام أناس يزورون الإمام فقط لأغراضهم الدنيوية ، و كأنه لا حاجة أخرى لهم بالإمام !
أجل .. نحن نزور الإمام عليه السلام أولا ، عرفانا له و لمقامه الشامخ لدى الله ثم للتقرب الى الله بحضوره لأن الإمام حي يسمع كلامنا و يرد سلامنا . ثم إن الغاية الثانية للزيارة أن نجدد العهد ، عهد الولاية العظمى مع الإمام سلام الله عليه و نعهده على مواصلة المسير في إحياء أمرهم دائما و أبدا و على أي حال . فقد قال الصادق سلام الله عليه : " رحم الله من أحيا أمرنا " و نريد بزيارتنا لهم المواصلة فالوصل الأهم مع الإمام قبل ان يكون مع الأقارب .. هذه هي الصلة الواجبة التي لا يرحم الله من قطعها " و الذين يصلون ما أمرالله أن يوصل .." و بعدئذ يأتي دور الحاجة . و إن الحاجة الأهم لعمري هي طلب المغفرة من الله و كفران الذنوب و ستر العيوب بحرمة صاحب المقام الأقدس ، فلا ريب أن الإستغفار و التوبة في مقام الإمام و عند قبر الرسول أهم و أفضل من الإستغفار في أي مكان آخر .. و لعل الإمام سلام الله عليه إذا رأى منا الخلوص و التوجه ، يطلب آنئذ من ربه المغفرة لنا ، و طلبه لن يخيب أبدا فهو المقرب عند الله تعالى . و بعد طلب الحوائج الأخروية ، لا بأس بطلب بعض الحاجات الدنيوية من الله ، لا أن يكون هذا هو الأساس ! و السلام على من أحيى أمرهم و اقتدى بهم . و جعلنا الله من أتباعهم و اشياعهم .